الطبيبةُ المداوية (الشفاء بنت عبد الله)
قالت: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم أسأله (أي: تطلب منه شيئًا)، فجعل يعتذر إليَّ (حيث لم يكن عنده ما يعطيه)، وأنا ألومه (لأنها لا تعرف السبب)، فحضرت الصلاة فخرجتُ، فدخلتُ على ابنتي -وكانت عند زوجها شرحبيل بن حسنة- فجعلت أقول له: قد حضرتْ الصلاة وأنتَ في البيت؟ وجعلتُ ألومه، فقال: يا خالتي لا تلوميني، فإنه كان لنا ثوبٌ، فاستعاره رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت: بأبى وأمي، إنى كنت ألومه وهذا حاله ولا أشعر. قال شرحبيل: وما كان هذا الثوب إلا درعًا رقعناه.[الإصابة 4 / 15].
كانت تمتلك سمات رفيعة، يندر وجودها لدى النساء في عصرها، وكانت مثقفة متعلمة، تخصصت في معالجة الأبدان.
أسلمت قبل الهجرة، وكانت تُرْقِي في الجاهلية، فلما هاجرت إلى المدينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه إنى كنت أرقي بِرُقًى في الجاهلية، وأردت أن أعرضها عليك. فقال صلى الله عليه وسلم : "اعرضيها". قالت: فعرضتها عليه، وكانت رقية من لدغة النملة، وهى قروح تخرج فى الجنب وغيره من الجسد.فقال: "ارقى بها وعلميها حفصة"المستدرك(6890 ).
وكان لها دور بارز فى مجال التعليم ومعالجة القروح والأمراض؛ لذا خصص لها رسول الله صلى الله عليه وسلم دارًا بالمدينة تقديرًا لدورها الاجتماعي، وكانت تعيش فيها هي وابنها سليمان، وأصبحت تلك الدار مركزًا علميَّا للنساء، تعلمت فيها الكثيرات من نساء المؤمنين تعاليم الدين، بالإضافة إلى القراءة والكتابة والطب، وكان من بين المتعلمات السيدة حفصة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم .
فعَنِ الشِّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا عِنْدَ حَفْصَةَ فَقَالَ لِى: « أَلاَ تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الْكِتَابَةَ »سنن أبى داود (3889 ) صحيح.
وحرص خلفاء المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على احترام مكانة الشَّفَّاء وتقديرها، فقد روى أن عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- كان يقدمها فى الرأي، ويقبل نصائحها، ويقدم لها ما تحتاجه من عون وبِرّ.
إنها الصحابية "الشفاء بنت عبد الله القرشي العدوي"، وأمها فاطمة بنت وهب بن عمر المخزومية، وقيل اسمها ليلى لكن غلب عليها لقب "الشفاء". وقد روت "الشفاء" رضي اللَّه عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وروى عنها كثيرون.
عن الشفاء بنت عبد الله قالت دخل علي بيتي عمر بن الخطاب فوجد عندي رجلين نائمين فقال وما شأن هذين ما شهدا معي الصلاة قلت يا أمير المؤمنين صليا مع الناس وكان ذلك في رمضان فلم يزالا يصليان حتى أصبحا وصليا الصبح وناما فقال عمر لأن أصلي الصبح في جماعة أحب إلي من أن أصلي ليلة حتى أصبح"مصنف عبد الرزاق (2011) صحيح
وعَنِ الشِّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ - وَكَانَتْ امْرَأَةً مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ - قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ فَقَالَ « إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحَجٌّ مَبْرُورٌ »مسند أحمد (27853) صحيح لغيره.
وتوفيت -رضي اللَّه عنها- سنة عشرين للهجرة، في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.