حيفا (بالعبرية: חֵיפָה) هي من أكبر وأهم مدن فلسطين التاريخية، تقع اليوم في لواء حيفا الإسرائيلي على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وتبعد عن القدس حوالي 158 كم إلى الشمال الغربي. يبلغ عدد سكانها حوالي 268,215 نسمة إضافة إلى 300,000 يعيشون في الضواحي السكنية حول المدينة، مما يجعها ثالث أكبر مدن البلاد حالياً بعد القدس وتل أبيب من حيث السكان، الذين يشكل اليهود منهم الغالبية، بينما يشكل العرب (مسيحيون ومسلمون) الأقلية بعد تهجير معظمهم في النكبة عام 1948. [3][4]
تقع المدينة على دائرة عرض 32.49 شمالاً وخط طول 35 شرقاً وهي نقطة التقاء البحر المتوسط بكل من السهل وجبل الكرمل، وهذا جعلها نقطة عبور إجبارية، إذ يقل اتساع السهل الساحلي عن 200 متر، وترتفع عن سطح البحر بمعدل 450 م.[5] كما أن موقعها جعل منها ميناءً بحرياً من أهم الموانئ في إسرائيل، كما جعل منها بوابة للمنطقة عبر البحر المتوسط، وهي ذات أهمية تجارية وعسكرية طوال فترة تاريخها، ولهذا تعرضت إلى الأطماع الاستعمارية بدءاً من الغزو الصليبي وحتى تاريخ النكبة، وتعد الآن مقر سكة الحديد الإسرائيلية الرئيسية.[6] [7]
يعود زمن استيطان البشر بالمنطقة إلى عشرات الآلاف من السنين حيث عثر منقبون على بقايا هياكل بشرية تعود إلى العصر الحجري وآثار حضارات العصر الحجري القديم بمراحله الثلاث (نصف مليون سنة إلى 15 ألف سنة قبل الميلاد). ولقد تأسست حيفا في بادئ الأمر كقرية صغيرة في القرن الرابع عشر ق.م على يد الكنعانيين. فُتِحت المدينة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عام 633 م، ونتيجة لذلك بدأت القبائل العربية بالاستقرار في فلسطين، وعلى وجه الخصوص في مناطق الساحل الفلسطيني، وبقيت حيفا جزءاً من الدولة الإسلامية طيلة العهد الأموي والعباسي. إلا أن حيفا الحديثة، قد تأسست عام 1761 في مكان البلدة القديمة على يد القائد ظاهر العمر، والذي أسس إمارة شبه مستقلة عن العثمانيين في الجليل.[8] وفي العهد العثماني، ازدهرت مدينة حيفا، وتأسس فيها أول مجلس بلدي عام 1873.[9] [10] [11]
تتميز المدينة بكونها أحد أهم مركز الإشعاع الفكري في فلسطين التاريخية - خاصة قبل النكبة،[12] كما تتميز اليوم، بالتعاون الثقافي والسياسي بين اليهود والعرب فيها. في "بيت الكرمة" بوادي النسناس يتم في شهر ديسمبر من كل عام المهرجان الثقافي "عيد الأعياد" بمناسبة عيد الميلاد المسيحي وعيد حانوكا اليهودي، وكذلك عيد الفطر أو عيد الأضحى إذا وقع أحد منهما في الشتاء. تشهد انعقاد مهرجان "أسبوع الكتاب العربي" في موسم الصيف من كل عام. تعتبر حيفا اليوم مركزًا للدين البهائي، حيث تقام فيها مراسم الحج لأتباع هذه الديانة.[13]
يُشار بالذكر إلى أن المدينة قد احتلتها المنظمات اليهودية في 21 نيسان / أبريل 1948، بعد عدة معارك ومجازر قامت بها بحق السكان العرب في المدينة وضواحيها، نتج عنها طرد جماعي لمعظم هؤلاء السكان من أحيائهم، واستبدال أسماء الشوارع والمناطق العربية مباشرة بالعبرية.[14] [15]